أخر الاخبار

رواية وهبني القدر بدرا الفصل الثالث 3 بقلم نسمة مالك

رواية وهبني القدر بدرا الفصل الثالث 3

 رواية وهبني القدر بدرا الفصل الثالث 3 


وقف "بدر" برفقة "أيوب" ممسك بيده باقة ورد أبيض جمالها خلاب، تليقُ كثيرًا مع بدلته السوداء كليًا، ينتظر خروج عروسته على أحر من الجمر،

صدح صوت رنين هاتفه فمد يده و ألتقطه من جيب سرواله بلهفة ظنًا منه أنها زوجته التي تتصل به، أختفت ابتسامته و حل مكانها الغضب حين لمح رقم المتصل..

فتح على الفور و أردف بهدوء لا يخفى غضبه المشحون أبدًا..
"غريبة يعني شيلتي البلوك! أيه اللي فكرك بيا انهاردة يا شروق؟!"..

جاءه صوتها الباكي تهمس بصعوبة بالغة..
"طول الوقت فاكراك و عمري ما نسيتك يا بدر"..
اجهشت بالبكاء تبكي بنحيب مكملة..
"أنا عرفت إن فرحك انهاردة مكنش ينفع مقولكش مبروك.. مبروك يا حبيبي"..

أطبق جفنيه بقوة كمحاولة منه لكبح عبراته التي خانته و تجمعت بعينيه، زفر بضيق و هو يقول..
"بطلي عياط و حاولي تقولي حاجة تطمنيني بيها عليكي"..

حاولت السيطرة على بكائها..
"أطمن.. متقلقش عليا.. أنا كويسة و فرحانة بيك و ليك يا حبيبي "..
غمغمت بها بصوتٍ بدأ يرتجف..

تنهد" بدر" تنهيدة طويلة و هو يقول بتمني..
" كان نفسي تكوني معايا"..

انفجرت في نوبة بكاء أخرى و تحدثت بأسف قائلة..
" أنت عارف إني كنت بتمنى أكون معاك و جنبك.. بس مش هينفع و أنت عارف السبب"..

"طيب على الأقل متعمليش بلوك عشان اقدر أتصل اطمن عليكي".. قالها بنبرة راجية..

"هتحصل مشاكل أنت و أنا في غني عنها.. خلينا زي ما احنا كده أفضل"..




ساد الصمت بينهما للحظات قطعه "بدر" مغمغمًا..
" طيب يا شروق.. اتصلي أنتي بيا وقت ما تحبي و لو احتاجتي لي في أي وقت هتلاقيني دايمًا جمبك و في ضهرك"..

أنهى حديثه و أغلق الهاتف، لتسرع هي بوضعه على القائمة السوداء مجددًا و هي تبكي بكاء يقطع نياط القلوب..

كل هذا الحوار حدث أمام "أيوب" الذي التزم الصمت و أكتفي بالنظر ل" بدر " نظرة عتاب جعلته يتحدث بلهفة قائلاً..
" أوعى تظن فيا ظن سوء يا صاحبي إحنا مش عشرة يوم.. أنت عارفني كويس يا أيوب"..

ربت "أيوب" على كتفه برفق و تحدث برزانته المعتادة قائلاً.. 
"وعشان عارفك كويس مستني تفهمني أيه اللي سمعته ده يا بدر؟ و تقولي مين شروق دي؟!".. 

خفض "بدر" رأسه بخزي و إحراج ظهر على قسمات وجهه و هو يقول.. " هقولك يا أيوب.. هحكي لك كل حاجة "..

.......................... صلِ على الحبيب......

وقفت" هبة"تطلع لطالتها بالمرآة، فستانها الأبيض الرقيق ، حجابها الذي ذادها جمال فوق جمالها، وضعت لمسات بسيطة من مساحيق التجميل ظهرت جمال لون عينيها الزيتونية الفاتنة..
"اللهم بارك زي القمر يا هبة.. ألف ألف مبروك يا حبيبتي "..
أردفت بها "حبيبة" بصوتٍ تحشرج بالبكاء و هي تضمها بحب شديد، لتبادلها "هبة" عناقها هذا بحب أشد..
"الله يبارك فيكي يا حبيبة"..

أبتعدت عنها قليلاً و تحدثت بقلق قائلة..
"مالك يا حبيبتي.. حاسة إن فيكي حاجة.. أنتي متخانقة مع أيوب؟! "..

حركت" حبيبة " رأسها بالنفي و هي تقول..
" لا يا حبيبتي مافيش حاجة.. متقلقيش"..

ضيقت "هبة" عينيها و نظرت لها نظرة متفحصة مدمدمة بشك..
" اممم.. يعني مافيش حاجة يا حبيبة متأكدة و لا أخرج أسأل أيوب بنفسي؟!"..

ترقرقت العبرات بأعين" حبيبة" و تحدثت بابتسامة قائلة..
" كل الحكاية أني على أد ما أنا فرحانة بيكي يا حبيبتي بس قلقانة عليكي في نفس الوقت من نظرة الخوف و الحزن اللي شيفاها في عينيكي "..

عانقتها "هبة" بقوة و تحدثت بتعقل قائلة..
" لازم أخاف يا حبيبة.. المثل بيقول من خاف سلم.. أما الحزن فأنا و هو بقينا أصحاب خلاص "..

" بدر بيحبك بجد يا هبة و واثقة أنه هينسيكِ حزنك ده بحبه ليكي لأنك تستاهلي كل خير و فرحة و حب حقيقي يداوي كل جرح في قلبك"..غمغمت بها" حبيبة " و هي تهندم لها حجابها..

أبتسمت لها" هبة" و أمسكت يدها ضغطت عليها برفق..
" كفاية إن ربنا رزقني بأحن أخت في الدنيا.. أنا محظوظة عشان عندي أخت زيك يا حبيبة".. 

هبطت دموعهما معًا فعانقا بعضهما من جديد، تستمد كل منهما قوتها من الأخرى ..

............................لا إله إلا الله وحده لا شريك له........

بمكان أخر..

بإحدى القرى الريفية التي تبعد مئات الكيلو مترات عن المدن، توقفت سيارة أجرة هبط منها شاب يتميز بطوله الفارهه و جسده المعضل، ثيابه مهندمة للغاية، قميص أبيض يظهر ضخامة ذراعيه، سروال من الجينز الغامق، حذاء رياضي أبيض اللون أيضًا،

مصفف شعره الفاحم الغزير بعناية، تفوح منه رائحة عطر تخطف الأنفاس من شدة جمالها..

يحمل حقيبة سفر كبيرة على كتفه، و حقيبة أخرى بها اللاب توب الخاص به، وقف مكانه لدقائق ينظر حوله باشتياق شديد، هنا بلدته، مسقط رأسه عاد لها بعد غياب أكثر من ثمانية سنوات..

غادر و هو بعمر السابعة عشر و قد عاد الآن و هو بعمر الخامسة و العشرون..



سار عدة خطوات حتى وصل لمنزل عائلته و وقف مكانه يتأمل التجديد الذي حل عليه حتى أصبح منزل حديث الطراز بفضل شغله و كفاحه هو، فقد كان منزل قديم أوشك على السقوط،

 يتذكر أخر ليلة قضاها بداخله قبل أن يتركه و يترك البلد بأكملها و يرحل لسنوات طويلة ..

فلاش باااااااااااك...

كان فتى صغير مازال في مرحلة البلوغ حين أمره جده بالزواج من ابنة عمه الطفلة الصغيرة التي لم تتم عامها الثالث عشر بعد،

حديث جده كان كالسيف على رقاب الجميع الذين خضعوا له و بالفعل تم عقد قرانه على من يعتبرها بمثابة شقيقته، 
لم يحمل لها أي مشاعر بقلبه غير الأخوة،لم يكن ينوي على الاقتراب منها مطلقًا كزوجة و أتفق معاها على هذا..

حتى استمع ذات مرة إلى حديثها عنه مع والدتها،
دوي صوت ضحكاتها كالنغمات الناعمة، تضحك بقوة حتي أدمعت عينيها مرردة بصعوبة..
"جبل.. جوزتوني جبل يا أمه!!!"..

رمقتها والدتها بنظرة مغتاظة، و لكزتها بقبضة يدها بكتفها بعنف و هي تقول..
"و ماله جبل يا ورد؟!.. راجل زي الفل و؟"..

قطعت حديث والدتها حين انفجرت بالضحك بقوة أكبر، ارتمت على الفراش بظهرها ممسكة بطنها بكلتا يدها، و أردفت بسخرية..
" بس متقوليش راجل بس.. دا لسه ورور خالص..محصلش شاب حتي"..

هنا صفعتها والدتها صفعة عنيفة على وجهها و هي تقول بغضب..
" أخرسي و إياك أسمعك تتكلمي عن جوزك بطريقة العفشة دي مرة تانية.. جبل كتب عليكي يعني خلاص بقى جوزك و ليه حقوق عندك"..

لم تبكي "ورد" رغم أن الصفعة ألمتها، نهضت واقفة أمام والدتها و أشارت على جسدها و تحدثت بجرائة قائلة..
"أنتي شيفاني يا أمه.. شايفه طولي و جسمي عاملين إزاي.. أنا أطول من جوزي و اتخن منه كمان.. لدرجة اللي يشوفني يقول عليا أمه و هو ابني الصغير..و جبل عارف ده كويس عشان كده أتفق معايا إننا هنفضل أخوات زي ما كنا قبل ما يكتب عليا لأنه لو فكر بس يقرب مني هاكله علقة أموته في أيدي"..

حديثها جعل غضبه يتفاقم، و اقتحم عليهما الغرفة و تحدث بغضب عارم قائلاً..
" أخرجي و سبيني مع مراتي لوحدنا يا مرات عمي"..

شهقت" صباح" من هيئته التي بدت مخيفة، فأيقنت أنه سمع حديث ابنتها المتهور، لكن هيئته هذه اضحكت" ورد" التي تطلعت له بنظرة ساخرة جن جنونه منها أكثر..

"حقك عليا أنا يا جبل يا ابني.. ورد عيلة صغيرة لسه.. مش فاهمة اللي قالته"..

لم يبدي لحديثها أي إهتمام، اقترب منها و دفعها ببعض الحدة لخارج الغرفة، و أغلق الباب خلفها بالمفتاح، و استدار لتلك الواقفة تطلع له ببرود ثلجي، و بدأ يخلع ثيابه أمامها و هو يرمقها بنظرة يتطاير منها الشرر..
" بقي أنا ورور؟!.. أنا بقي هوريكي الورور ده هيعمل فيكي أيه؟!". 

انفجرت "ورد" بالضحك ثانيةً و هي تُشير نحو ذراعيه مرددة..
"عضلاتك اللي عاملة زي عيدان الفجل مقوية قلبك أوي .. أبعد عني احسنلك يا جبل أنت مش قدي" ..

ألقى معطفه أرضًا و هجم عليها لكنها أذهلته بقوتها و دفعته بعيدًا عنها حتى سقط على الفراش، و هجمت هي عليه تلكمه لكمات متفرقة، و تقضم جسده بأسنانها حتى سالت الدماء من إحدي ذراعيه..

"شوفت أديني كلتك علقة و سيحت دمك أهو عشان تبقى تسمع الكلام لما قولتلك أنت مش قدي" ..

أبتعدت عنه و وقفت تتابعه بأنفاس لاهثه و هو ينهض ببطء واضعًا كف يده على جرح ذراعه يمنع تدفق الدماء، وقف أمامها و نظر لها نظرة مليئة بالكرهه لن تنساها أبدًا، و سار من أمامها لخارج الغرفة، و من ثم خرج من المنزل بأكمله و لم يعود من وقتها..

نهاية الفلاش باااااااااااك....

فاق من شروده على صوت رنين هاتفه فاسرع بالرد بلهفة قائلاً..
"ألو يا دكتور أيوب.. أنا وصلت البلد أطمن يا دكتور"..

"حمد لله على السلامة يا دكتور عبد الرحمن و لا أنت في البلد دلوقتي هقولك يا جبل و خلي دكتور عبد الرحمن ده في الكلية"..

ضحك "عبد الرحمن" و هو يقول..
"أنت بالذات تقولي الإسم اللي يعجبك يا دكتور أيوب .. أنا مديون لك بكل اللي وصلت ليه و عمري ما أنسى وقفتك جنبي لحد ما بقيت الأسطي جبل و الدكتور عبد الرحمن "..

أردف" أيوب " بمزاح قائلاً..
" طيب يا اسطي جبل مطولش أوي في الإجازة و تنسى الكلية بتاعتك و الصنايعية اللي شاغلين معاك.. مش هوصيك عليهم دول عايشين اليوم بيومه"..



قال " عبد الرحمن" ..
" أطمن يا دكتور.. أنا مش هطول هما يومين بالكتير و هرجع بإذن الله "..

 "ترجع بالسلامة يا جبل"..غمغم بها" أيوب " قبل أن يغلق معه، وضع" عبد الرحمن " الهاتف بجيب سرواله، و تقدم نحو باب المنزل و طرق عليه ليأتيه صوت" وفاء" والدته تقول بصراخ متلهف..
"دي خبطة والدي.. جبل..جبل والدي رجع.. يا ضنايا يا ابني"..

ارتمت في حضنه فور فتحها للباب، ليستقبلها هو ويضمها بقوة مقبلًا رأسها و يديها مرات متتالية، لتصيح هي بفرحة غامرة مرددة إسم زوجة إبنها..
"ورد.. بت يا ورد جوزك رجع من السفر يا بت"..

كانت بالطابق الأخير تنشر الملابس المبتلة حين وصل لسمعها صوت حماتها تخبرها بوصول زوجها الغائب،تغيرت هي الأخرى خلال تلك السنوات،اكتمل نموها، و فقدت الكثير من الوزن حتى أصبحت تمتلك جسد منحوت بمنحنيات فتاكة..

سارت بخطوات مرتجفة نحو الأسفل، و عينيها تبحث عنه حتى لمحته من ظهره يضم والدته التي لم يظهر منها شيئًا بسبب طوله المُهيب ، جحظت عينيها على أخرها حين أدركت أنها أصبحت قصيرة جداً بالنسبة له، لن تصل إلى كتفه حتي، أسرعت بالاختباء منه خلف إحدي الجدران مرددة بسرها.. 
"يا لهوي أيه العملاق اللي دخل علينا ده؟!"..

وقفت تسترق النظر تجاهه حتى أخيرًا رأت وجهه الذي زينته لحيته الكثيفة أخفت ملامحه الطفوليه و أعطته هيئة رجوليه باحتة..

تمتلك مدونه دار الروايه المصريه مجموعة
من أكبر الروايات المتنوعة الحصرية والمميزة 

   ( اترك تعليق ليصلك كل جديد قراءه ممتعه للجميع )

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -