أخر الاخبار

رواية من قلب الواقع الفصل الثاني 2 الاخير بقلم نورا سعد

رواية من قلب الواقع الفصل الثاني 2 الاخير

 رواية من قلب الواقع الفصل الثاني 2 الاخير

ـ أنت بتعمل أيه؟؟؟؟ 
ـ أيه؟؟ أنا... أنا بغطيكِ! 
ـ كداب أنت كداب! دي مش أول مرة تدخل الأوضة عليا! 

كان صوتي عالي، البيت كله أتلم عليا، وهو... وهو أتوتر! 
بصّ عليهم بكل توتر وقال: 
ـ في أيه؟ كنت بغطيها وهي أتخضت، خلاص خلصنا. 
وبكل بجاحـ ـة سبنا ومِشي! 
والغريبة أن.. أن ماما لقتها بتفرك في عنيها بملل وبتقول وهي بتديني ضهرها: 
ـ لازم تقلقينا يعني يا نور! نامي يا حببتي وبلاش الخضة دي. 

حقيقي مكنتش مستوعبة اللي حصل! كلهم سابوني ومشيوا! إلا... إلا هو، إلا يوسف! يوسف الوحيد اللي فضل واقف في الأوضة مكانه، كان سرحان وبيفكر، تقريبًا كان بيستوعب اللي حصل! وكأنه كان خايف يسألني، عشان كده وبعد بصّة طويلة مِنه ليا سابني ومِشي على أوضته. 




أما أنا؛ فتابعته بعيني لحد ما أختفى من قصادي، أتكوّرت في مكاني وأنا لفّة نفسي باللحاف، وفي لحظة لقيت نفسي بفتكر كل مرة كان بيحاول فيها إنه يتحـ ـرش بيا، أو لما كان بيتـ ـحرش بيا باللمس بالفعل! أنا وصغيرة وأنا... وأنا كنت بكدب نفسي! ولا كنت خايفة؟ ولا مكنتش مستوعبه؟ وفي لحظة أفتكرت من كام يوم، لما ظهر قدامي فيديو بالصدفة لبلوجر اسمها كنزي مدبولي، كانت بتتكلم فيه عن حالنا! عن حالات التحـ ـرش اللي بتحصل للأطفال من أفراد العيلة، أو... أو كانت بتوضح أن 90٪ من نسب التحـ ـرش أصلًا تمت للبنات وهما أطفال من أفراد العيلة! 
وقتها حسيت أنّي تعريت قدام نفسي، ازاي أنا قابلة أن ده يحصل ليا؟ أزاي ساكته؟ ليه متكلمتش؟ أنا أزاي ساكتة عن الأذى النفسي والجسدي اللي بيحصلي؟ ومن هنا قررت أني هتكلم، مش هسكت، وفعلًا مش هسكت، مش هكتفي باللي حصل أبدًا، لازم أخد حقي مِنه، مش هستنى لما الاقيه في يوم بيتهـ ـجم عليا! 

ـ ماما عايزة أتكلم معاكِ. 
ـ بسرعة يا نور عشان راضي زمانه جاي يا حببتي. 
كانت قدام التسريحة وبتحُط ميكاب وبتظبط شعرها! 
هي أزاي مش مهتمة باللي حصل بليل؟ 
نفضت كل شيء من دماغي وخدت نفَس وقولت: 
ـ الرجل اللي أنتِ متجوزاه ده حاول خمس مرات يتحـ رش بيا. 
ملفّتش بنظرها عليا! لكنها ضحكت بستهزاء وقالت: 
ـ بجد؟ هيبص لعيلة زيك؟ شكلك أتهبلتي صح؟ 
وبحِدة لقيت نفسي بزعق وبقول: 
ـ أنا فضحته انهاردة وهو عندي في الأوضة! أنتِ مستوعبة؟ كان... كان بيحاول يلمس جسمـ ـي! 
ـ كان بيغطيكِ يا نور، بلاش هلاوس بقى. 
ـ هلاوس أيه؟ أيه الأهمال اللي أنتِ فيه ده؟ أنتِ أزاي أم بجد؟؟ 
قولت كل شيء في قلبي بكل غضب، وهي بكل غضب برضه لقتها بتلفّ ناحيتي وأيديها بتنزل على وشي بكل عصبية وأنفعال وهي بتزعق وبتقول: 
ـ أنتِ قليلة الأدب ومريضة، جوزي مين اللي يبصلك؟؟ غوري من وشّي.

لميت كرامتي ودخلت على أوضتي، مفيش فايدة، مش هتصدق، مين هيصدق عيلة صغيرة ويكدبه هو؟ كنت عاجزة، متكتفة ومش عارفه أعمل أيه، ولا حتى عارفه أتكلم مع مين، حتى يوسف، صديقي الوحيد مش هعرف أتكلم معاه، أصلي هقوله أيه يعني؟ مكنش ينفع، وعشان كل الطرق تؤدي إلى الولا حاجة فقررت هستعين بجروبات البنات اللي على الفيس. 
ضحكت بسخرية على القدر، كنت بقول لنفسي من كام سنة مين العاقل اللي يروح يكتب مشكلته على العلن ومستني ناس غريبة تديله حل أو تواسيه أو تطيب خاطره! كنت بقول ما يحكي لأي حد في حياته، ولكن مرّت السنين وعرفت أن مش بيكون ليهم حد عشان يحكوا معاه! زيّي كده بالظبط! 
مسحت دموعي ودخلت على جروب من ضمن الجروبات بتاعت البنات، أيدي راحت ناحية منشور مجهول الهوية وبدأت أكتب مشكلتي، وأني مش هعرف أسيب البيت، وأني عايزة حل. 
وبدأت تيجي التعليقات بأزاي أتصرف واللي كان منها. 




ـ متتعمليش معاه خالص، وبلاش تحتكّي بيه. 
ـ متلبسيش قدامه أي لبس قصير، أو شفاف، وشعرك لمّيه دايمًا عشان بيكون سبب للفتنة أوقات. 
ـ لما تدخلي تنامي أقفلي على نفسك بالمفتاح، ومتنميش بلبس خفيف أو قصير. 

ونصايح كتير فتحت عقلي على حاجات مكنتش وخده بالي منها، وفعلًا بدأت أنفذ كل كلامهم، ولكن... ولكن هو بقى عصبي جدًا، دايمًا يزعق ليا أو لماما أو حتى ليوسف! بحاول على قد ما أقدر أني مكنش في البيت لوحدي، ولحد دلوقت بنجح، لكن معرفش القدر مخبيلي أيه تاني!

ـ كل شوية فلوس فلوس، أيه مش بتشبع فلوس؟ مفكش نظر تشوف أني يوم شغال وعشرة قاعد منغير شغل؟
ـ وأنا ذنبي أيه؟ ولا عايزني اشتغل؛ ولا عايز تديني فلوس، أزاي هنزل جامعتي منغير مصاريف يعني؟ بأنهي منطق؟ 
وبكل غضب كان بيزُقه لبعيد وبيقول: 
ـ ما عنك ما أتعلمت، وأنا مالي!
ـ أنا زهقت من العيشة معاك، عيشة تقرف وتقصر العمر! 

خلص كلامه وهو بيهبِد الباب وبيجري على الشارع، ملجأوا اللي بقى بيجري عليه الفترة الأخيرة، وماما... وماما بدل ما تنده عليه أو تطيب خاطره بكلمتين عشان يرجع لقتها بتكمل عليها بالكلام وبتجري وراه جوزها تهديه! حقيقي شيء محزن! محزن لأقصى حد. 
وفي وسط الدربكة دي خدت مفاتيحي ونزلت وراه أجري، كنت عارفه الشارع اللي بيحب يمشي منه دايمًا، مشيت فيه وأنا بتلفِت حوالين نفسي بدور عليه، لحد ما لقيته. 

ـ كنت عارفه أنك هنا. 
مسح دموعه بسرعة، بصّ الناحية التانية وقال: 
ـ تعبت منه يا نور، المفروض أعمل أيه؟ 
ـ اشتغل. 
قولتها ببساطة، لفّ بجسمه ناحيتي وقال ودموعه لسه مزيّنة عينه: 
ـ مش راضي! حاولت أكتر من مرة ومش راضي يا نور، زي... زي ما يكون مش عايزني أمسك فلوس! أنا مش فاهمهُ بجد! 
طبطبت على كِتفه بهدوء وقولت: 
ـ أنا حقيقي معرفش أيه الحل، بس اللي أقدر أقوله أوعى تستسلم يا يوسف، حاول وعافر، وأقع وقوم، مش عيب أبدًا، لكن العيب أنك ترفع الراية البيضا، الأحلام مش بتنتهي، والشغف عمره ما بيموت، دايمًا بيتجدد، جدد شغفك وأرسم حلمك يا يوسف، أرسمه بأيدك مش بأيد حد تاني. 
سكِت لثواني، مسح دموعه وبعدين لقيته سألني وقال: 
ـ هو فعلًا كان بيحاول يتحـ ـرش بيكِ يا نور؟ 
معرفتش أرد، لكن دموعي هي اللي ردت عليه! سبقتني ونزلت على خدّي بكل حزن، ولساني معرفتش أسيطر عليه زي دماغي اللي فكرتني بكل شيء وقال: 
ـ من وأنا بنت 8 سنين كان بيعمل كده، طبعًا مكنتش فاهمة حاجة، بس فهمت لما كبرت، يعني... بيخليني أقعد على رجله بالعافية! يمسك جسـ ـمي بطريقة مقززة! وحاجات غريبة مكنتش فهماها أصلًا! لحد ما كبرت وبقيت مُدركة، ولما كبرت فهمت أنه كان بيخاف يقرب مِني بشكل مباشر، كنت بحِس بخوفه، كرر اللي بيعمله خمس مرات وأنا كبيرة، مرتين من سنة، و3 مرات السنة دي! بس المرة الخامسة قررت أني مش هسكت، كفاية سكوت وسلبية. 
ـ حقك عليا يا نور. 
مسحت دموعي وابتسمت وأنا بقول: 
ـ أنت مش ذنبك حاجة! 
مسح هو كمان دموعه وقال: 
ـ يمكن ذنبي أنه أبويا، بس أنا مش هكون سلبي يا نور، روحي أطلعي دلوقت. 




خلص كلامه وهو بيقف وبيديني ضهره، وقبل ما أرد كان سبني ومِشي! والحقيقة أني مكنتش فاهمة هو هيعمل أيه أو وصل لأيه!

ـ أنتِ هتفضلي سايقة العَوك كده كتير؟ 
أتخضيت، لقيته عندي في الأوضة بدون إذن! مسكت اللحاف وقربته من جسمي بسرعة وأنا بقول: 
ـ أنت أيه اللي دخلك هنا؟ فين ماما؟ 
قرّب مِني ومهتمش للي بقوله وقال بكل بجـ ـاحة وهو بياكل جسمي بعينه: 
ـ أيه! عماله تكبري وتحلوّي، وبقيتي كلك أنوثه بشكل يخطف نفس أي رجل! أيه بقى؟ 
كلامه خلاني أتعصب، رَميت اللحاف من على جسمي بسرعة، وبدون ثانية تفكير لقيت نفسي بمسك الأبچورة اللي جمبي وبلبسها في دماغه بالظبط وأنا بصرخ بكل صوتي: 
ـ أبعد عني يا مريض. 
حطّ أيده على راسه اللي بدأت تنزف، عينه برّقت! وقبل ما يهجـ ـم عليا سمعنا صوت ماما برا. 

ـ راضي مشوفتش مُفتاحي؟ 
ـ ألحقيني يا ماما. 
وجت بسرعة على صوتي، فضلت تبص عليا وعليه وهي مش فاهمة! غريبة.. مع إنها واضحة زي الشمس في وسط النهار! 
ولكن حقيقي أتصدمت لما لقتها بتقول: 
ـ حصل أيه يا حبيبي؟ مالك؟ 
وبكل غِلّ قال: 
ـ بنتك المجنـ ـونة لقتني داخل عليها الأوضة حدفتني بالأبچورة! كل ده عشان كنت هسألها على يوسف! بنتك أتجننت يا هانم خلاص! 
لساني أتعقد! هو للدرجة دي بجِـ ـج! وقبل ما أنطق لقتها بتزعق ليا وبتقول: 
ـ أنتِ أتجننتي خلاص؟ عايزة تموتيه عشان الأوهام اللي في دماغك؟ ما بلاش جنان بقى يا بت أنتِ! 
تعالى يا حبيبي أنضفلك الجرح ده. 

وخدت جوزها ومشيت على أوضتهم! هو أيه اللي بيحصل ده؟ 
أستنجد بمين دلوقت؟ أترمي في حضن مين؟ أحكي لمين؟ طب يوسف فين؟ من يوم أخر خناقة وهو دايمًا بيختفي كتير، أنا لازم أدور على حل، لازم. 

ـ مشوفتيش يوسف؟ 
ـ لا. 

كان ده سؤال ماما ليا، وقبل ما اسأل نفسي هو في أيه سمعت خناقتهم برا، واللي فهمته أنه مجاش من أمبارح البيت! يعني مبتش في البيت أصلًا! هو يوسف مِشي؟ مِشي وسابني؟ 
وقبل ما أدور على أجابة لسؤالي شوفت.... شوفت جواب، جواب محطوط بين ضلفة الدولاب! أتحركت ناحيته وفتحته وأنا أيدي بتترعش، واللي كنت متوقعاه لقيته! 

ـ لما تشوفي الرسالة دي هكون نقلت فشلق حياتي كلها لمحافظة تانية يا نور، حياتي هنا كانت سجن، وأنا طير لي جناحات بيحب الحرية، ومكنش لازم استسلم زي ما قولتيلي، نقلت ورق كليتي لجامعة تانية في محافظة تانية، وخدت سكن جامعي على نفقة الجامعة بعد ما أثبتلهم أن أهلي منفصلين ومعنديش دخل ثابت عشان أدفع تمن السكن، والحقيقة أني لقيت شغل وأول يوم ليا انهاردة، مكنش ينفع أمشي منغير ما أعرفك، والحقيقة أني كنت عايز أقولك حاجة مهمة، حاجة مكنتش أتوقع أني هقولها بشوية حروف وبس! أنا بحبك يا نور، بحبك وبعمل كل ده عشانك، عشانك أنتِ وبس، أوعي أنتِ كمان تستسلمي، حاربي وحافظي على نفسك، ولو تعرفي تمشي زيّي أمشي! أمشي لحد ما أقف على رجلي وأجيلك

                                                    عزيزك الحبيب: يوسف

مِشي! مِشي وسبني، وبعدين؟ المفروض أفضل واقفة في مكاني؟ أتفرج على عرضي وهو بينتـ ـهج بكل عنـ ـف!؟ 
البيت بالشكل ده هيكون فاضي علينا، هكون فريسة سهلة عليه! طب ليه؟ ما أحاول أستنجد بحد! 

ـ تيتة أنا محتجاكِ. 
ـ حصل أيه يا عيوني؟ مالك؟؟ 

حكيت ليها كل حاجة، معرفش أزاي مفكرتش قبل كده أني أستنجد بيها! يمكن عشان قولت في بالي دي ست كبيرة وبلاش تتعب معايا، قولت لنفسي هي هتعملّي أيه؟ هتاخدني أعيش معاها؟ طب ما أنا كده هتقِل عليها وهي في السن ده، هقدر أشتغل؟ طب هخليها تدخل في مشاكل مع بنتها بسببي؟ كانت كلها اسئلة سطحية في بالي، وكلها أتبخرت أول لما خدتني في حضنها وقعدت تلومني! 




ـ أزاي محكتيش ليا من أول مرة يا نور؟ 
عيوني كانت على وشّي، مسحتها وقولت وأنا بدخل في حضنها من تاني: 
ـ مكنتش عايزة أتعبك! 
ـ تتعبيني؟ تتعبيني أزاي بس، ده أنتِ بنتي! 

لامتني كتير، عرفتني أنا قد أيه عيلة سطحية ومش بتعرف تفكر، وحقيقي ندمت على كل لحظة كنت بفكر فيها أروح لمين وهي تيتة موجودة!

ـ أبوكِ برا يا نور، حكتله وجيه على طول. 
وقفت بسرعة وأنا مش مستوعبة اللي قالته، أبويا! من أمتى؟ جاي ليه؟ هو مين ده أصلًا؟ 
ـ جيه ليه؟ 
ـ أسمعيه بنفسك. 
سابتني وخرجت، ثواني ودخل! كان بقالي 3 سنين تقريبًا مشوفتوش! ده أنا كنت قربت أنسى شكله يجدع! 

ـ جاي ليه؟ 
ـ عشان أنتِ بنتي. 
ضحكني! ابتسمت بسخرية وقولت: 
ـ لسه فاكر؟ ويا ترى صحيت الصبح أفتكرت أن عندك بنت! 
قرب خطوة، كان متوتر، مسح عرقه وقال: 
ـ أنا... أنا دايمًا بسأل عنك، و... وطلبت من مامتك كتير أشوفك، بس كانت بتقولي أنك مش عايزة، فكنت بسكت، كنت ببعتلك فلوس وبس عشان متضايقيش. 
ـ بجد؟ مش عايزة أشوفك؟! ويا ترى ليه مكلفتش نفسك وجيت سألتني بنفسي؟ هو أنا مش كبيرة كفاية عشان تسألني بنفسك؟ ليه كنت بتتفرج عليا من بعيد وبس؟ 
عينه دمعت! غريبة! قرب خطوة كمان، حاول يحاوطني بأيده وقال: 
ـ معرفش! بس يمكن خوفت من لحظة الرفض! 
بعيد الخطوة اللي قربها، دموعي نزلت وقولت: 
ـ ودلوقت مش خايف؟ تمام، وأنا مش عايزاك.

جاي دلوقت عشان يحميني؟ كانت بتقوله أني رفضه أشوفه! كل ده مش مبرر، مش مبرر أبدًا لأحساسي كل يوم باليُتم وهما عايشين! كل يوم كنت بسأل نفسي ليه مليش ضهر وسند في الدنيا؟ كنت بسأل نفسي أروح لمين لما العالم كله يخذلني! ومكنتش بلاقي أجابة، مش المفروض يكون حضن أبويا دايمًا مفتوح ليا؟ أومال ليه كنت بدور عليه دايمًا ومش بلاقيه! 
طب ليه دلوقت جاي يفتكرني ويوجعني؟

ـ أنا عايزة بنتي، أيه فكرنّي عيلة صغيرة مش هعرف أربيها؟ 

كان صوت ماما، كانت بتزعق مع جدتي لما عرفت أني عندها، وده لأني سبت البيت بنفس طريقة يوسف، ولكن ماما مستنتش لما النهار يطلع عشان تدور عليا، وكأنها متوقعة أنا هكون فين. 
وفي وسط زعيقهم لبعض سمعت صوته! صوت أبويا وهو بيقول بكل حِدة وغضب: 
ـ بصي يا حياة، أنا مش هحاسبك على كدبك عليا، وكونك أنك كنتِ دايمًا بتقوليلي أن نور رافضة تشوفني؛ وفي الأصل مكنش حاجة من دي بتحصل أصلًا! لكن معلش، الغلط عندي أنا برضه، عشان صدقت وقولت أمين وبعِدت عن بنتي! 
صوته عِلي وبقى أكتر حِدة وهو بيكمل وبيقول: 
ـ لكن أن حد يلمس شعرة وحدة من بنتي لا، لا يا حياة، ده أنا أهِدّ الدنيا على دماغك أنتِ والأرجوز اللي متجوزها، ولو عرفت أنك قربتي من بنتي تاني يا حياة هلبسك أنتِ وجوزك قضية، سامعة؟ 

خافت! خافت ومشيت منغير ولا كلمة! زي ما تكون كانت عارفه اللي بيحصل؛ ولكنها كانت خايفة تتكلم! ودلوقت خافت من بابا! خافت وسكتت، ولأول مرة أحس أن ليا ضهر أتسند عليه! 

ـ نور، ينفع تيجي تعيشي معايا؟ 
ـ لا. 
قولتها بدون تفكير، وهو كان متوقع ردي، عشان كده ابتسم وقال: 
ـ وأنا مش هغصبك أبدًا، خليكِ مع جدتك، وأنا كل يوم هاجي أتطمن عليكِ، أتفقنا؟ 
ـ ماشي. 

معرفش وفقت ليه بس حسيت أن أنا وهو محتاجين فرصة، فرصة جديدة نقرب فيها من بعض، مش جايز الفرصة دي ربنا اللي بعدها لينا؟ 

ـ يعني مش هتعرف هو راح أنهي محافظة؟ 
ـ يا بنتي أعرف منين بس، ما كليات الحقوق في كل جامعات مصر! 
ـ يووه يا بابا بقى، يعني مش هعرف أوصل ليوسف! 

سنة كاملة وأنا بدور عليه! سنة كاملة حياتي أتشقلبت فيها، عايشة مع جدتي وبابا كل يوم بيجي يزورنا، وبقينا أنا وهو أكتر من صحاب! والحقيقة أن دي أحسن صداقة في الدنيا، حياتي بقت هادية، رايقة، وحلوة! حلوة منغير أمي ومنغير جوزها ومنغير مشاكلها، أمي اللي أختفت من حياتي من يوم ما أبويا هددها! زي ما تكون رَمِت طوبتي! 

                        *******************
                     "ولكن الأم بتحكي وبتقول"

ـ أنا زهقت من خيانتك وقرفك، أيه مش عاتِك حد! عيلة في دور بنتك بتبص ليها! نهارك أسود! 
ـ هبص لمين؟ دي... دي بنت كنت بعملها خدمة. 
ـ قرفتني بجد... بجد قرفتني في حياتي، يا شيخ منك لله، خسرت حياتي وبنتي وأمي! أنا... أنا أزاي نسيت الكلام اللي طلقتك قالته ليا أول لما عرفتك! قالتلي... قالتلي ده مريض بالستات! 
وبكل قوته كان بينزل فيا ضـ ـرب! 
بكل غضب وقسوة، مكنش سامع صراخي، مكنش سامع أي حاجة، كان بيشتم وبكل بجـ ـاحة ولا وعي قال: 
ـ أيوا يا ست كنت بخـ ـونك، عشان أنتِ ست نكدية، مش مالية عيني، خنقتيني وزهقتيني. 
ـ طلقني، طلقني مش عايزة عيش معاك. 
ضحك! ضحك ومسكني من شعري بكل عنـ ـف وقال: 
ـ أطلقك؟ ده نجوم السما أقربلك، سامعة، نجوم السما أقربلك يا حياة. 

هو ده ذنب مين؟ من يوم ما نور سابت البيت وأنا كل يوم بعيش ليلة شبه دي! كأني في كابوس! كابوس ومش بيخلص، مريض، مريض بالستات زي ما مراته كانت قيلالي، ولكن مكنتش مصدقة، كنت بقول لنفسي هي اللي معرفتش تهتم بيه، هي اللي أهملته وأهملت نفسها؛ وعشان كده كنت بحاول بكل الطرق أهتم بنفسي، أهتم بيه، أدلعه ويكون هو أول أهتماماتي! ولكن برضه فشلت! فشلت وطلعت كنت غلط، غلط من أول قرار خدّه زمان عشانه ولحد اللحظة اللي أنا فيها دي! 

ـ طنط حياة أفتحي أنا يوسف. 
ـ يوسف! أيوا يا يوسف، أنا.... أنا مش هعرف أفتحلك. 
ـ ليه؟ 
دموعي نزلت، ومن وراه الباب المقفول قولت: 
ـ عشان راضي قافل عليا. 
ـ ونور فين؟ نور جوه؟ 
ـ لا... لا نور عند جدتها. 
ـ فين عنوان جدتها؟ 

عرفته العنوان ومِشي، وأنا فضلت محبوسة في البيت، زي العادة، بقيت دايمًا محبوسة لحد ما أتعودت، أنا حاسه أني هموت ومحدش هيحس بيا، بس أنا عارفه أن ده عقاب ربنا ليا، أو ذنب بنتي اللي ربنا بيخلصه مِني! 

ـ فين نور؟ 
ـ أنت مين؟ 
ـ أنا يوسف. 

                      "ومن هنا البنت بتحكي وبتقول"

سمعت صوته! أنا عرفاه، حفظاه، كل يوم بحلم بيه! جريت على الصالة وأنا بكدب ودني ولكن... ولكن لقيته! لقيته قدامي! 

ـ يوسف! 
ـ نور... وحشتيني! 
ـ أنت رجعت؟ 
ابتسم، ابتسم بكل هدوء وقال: 
ـ عشانك. 
ـ عشاني! 
ـ منا لما مشيت في الأول مشيت عشانك، عشان أعرف أكوّن نفسي وأجي أتقدملك، عشان أكون قصاد عينك رجل. 
ـ طول عمرك في عيوني سيد الناس يا يوسف. 
ـ هو أنتوا بتعملوا أيه معلش؟ 

كان ده صوت بابا، كان يوسف واقف قصادي، ولما سمع صوته أتخض ورجع لورا بسرعة! ضحكت عليه وهو أتنحنح وقال: 
ـ أزي حضرتك يا عمو؟ 
ـ أنت بقى يوسف اللي قلبت عليك الدنيا؟ 
كرمش وشّه بعدم فهم وسأل: 
ـ قالب عليا الدنيا! ليه؟ 
ـ عشان الهانم. 
بصّ عليا بسرعة، وأنا بصّيت على الولا حاجة بكل أحراج وأنا بدعي أن الأرض تنشق وتبلعني فورًا! 
ـ كنتِ بتدور عليا؟ 
ـ ما أنت اللي أختفيت! 
ـ يا بيه، عايز أيه أنت دلوقت؟ 
كان ده سؤال بابا ليه، وفي ثواني كان بيلف ناحيته وبيقول بكل جدية: 
ـ عايز أتقدم لنور يا عمي. 
ـ أنت عبيط يا بني؟ دي لسه 18 سنة، وأنت 20 سنة، يعني شوية عيال. 




ـ نتخطب طيب وبعدين نتجوز. 
ـ بعدين بعدين. 
خلص كلامه وسابه وقعد على الكنبة، الحقيقة أني قولت أنه هيمشي، لكنه ممشيش، لقيته قرب من تيتة اللي كانت واقفة بتتفرج عليناا وبتضحك، وقال لها: 
ـ هو ليه حضرتك سايبة طنط حياة؟ 
كلنا أنتبهنا لكلامه، وبهتمام بابا سأل: 
ـ مالها؟ 

ومن هنا بدأ يحكي لينا اللي حصلها، وأنها محبوسة، والحقيقة أن بابا مقلش أنا مالي! لأ، هو ساعدها، وفضل جمبها لمدة شهر كامل، وشهر تاني اتمرمط معاها في المحاكم لحد ما أتطلقت منه! 

ـ هتعملي أيه دلوقت يا حياة؟ 
كانت لسه خارجة من أخر جلسة، الجلسة اللي أتحكم ليها بالطلاق، كانت خارجة تعبانة بشكل يخُض، مرهقة، مش بتبصّ على حد ولا بتتكلم، ولكن لما بابا سألها فاجأة بصّت عليا وقالت: 
ـ ده ذنبك، كل ده ذنبك، أنتِ السبب في اللي حصل واللي بيحصل، واللي هيحصل، لازم تموتي! 

وفي لحظة كانت بتهـ ـجم عليا! خلصوني من أيديها ويوسف خدني وروحنا البيت وأنا بترعش، كان بيحاول يهديني، وبعد ساعات رجعوا البيت وعرفت أنهم حجزوها في مصحة نفسية! والحقيقة أني مكنتش أتوقع أن دي تكون نهايتها أبدًا. 

"بعد مرور عام أخر" 

ـ أنا..أنا خلصت! مش مصدق. 
ـ مبروك التخرج. 
ـ وهتجوز.
ضحكت عليه وقولت: 
ـ مبروك الجواز. 
قرب خطوة، رفع وشّي بأيده وقال: 
ـ هتجوزك أنتِ. 
ـ أيه؟ 
ـ أيه! 

#تمت.
تمتلك مدونه دار الروايه المصريه مجموعة 
من أكبر الروايات المتنوعة الحصرية والمميزة
اكتب ف بحث جوجل دار الروايه المصريه
 واستمتع بقراء جميع الروايات الحصرية والمميزة

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -