رواية رحيل العاصي الفصل الرابع والعشرون 24
نهضت من مكانها بتوتر وساعدتها سهام في تجهيز نفسها، وخرجت معها وقلبها يدق بسرعه وكان التوتر وصل بها إلى أقصاه، حتى وصلت إلى غرفة معينه للزيارة، فتحت سهام الباب ودلفت هي الى الداخل وعندما وقع بصرها على الفتاة الواقفة أمامها نظرت لها بصدمة وعيون متسعه ثم قالت:
- أنتِ؟!! أنتِ رجعتي من كندا ؟!!
اتجهت إليها الأخرى ونظرت لها للحظات ثم قالت:
- عاملة إيه ؟
- عاملة ايه؟؟ سلمى ومريم اللي كانوا يعرفوا بعض أكتر من نفسهم جايه بتسأليني عاملة إيه؟ أنتِ إزاي جيتي هنا وعاصي عارف إنك هنا أصلاً
قالت الأخرى باستهتار:
- أنا مبقاش فارق معايا حد ومش هخاف من عاصي تاني
- رجعتي ليه
- عشان نساعد بعض، إحنا مكنش ينفع نتفرق كان لازم نفضل مع بعض ونقوي بعض
- أنا مش عايزه أتكلم معاكي أمشي
ثم استدارت ونادت على سهام حتى تعود بها إلى غرفتها، ولكنها قبل أن تغادر الغرفة سمعت الأخرى تقول لها:
- أنا رجعت عشانك وعشان ليلى ومش هتخلى عنكم تاني
- أتأخرتي أوي، مش محتاجه حد فيكم وأنا هقف على رجلي لوحدي وهرجع تاني بس مش بفضلكم
ثم تحركت مع سهام وعادت إلى غرفتها مرة أخرى لتنفجر في البكاء عندما ظلت بمفردها، وبعد ساعة كان شادي قد وصل إلى المستشفى وبمجرد وصوله ذهبت إليه سهام وقالت بقلق:
- دكتور شادي في حاجه حصلت لازم تعرفها
- حصل إيه؟
- قبل ما حضرتك تيجي في واحده جت طلبت تشوف سلمى وأنا اخدتها وروحت بيها للاوضة فعلاً بس مطولتش خالص يادوب خمس دقايق لقيت سلمى بتناديني أني أرجعها لاوضتها ومن ساعتها وهي عمالة تعيط ومنهارة
- مين البنت دي تعرفي اسمها؟
- مش فاكره هي مقالتش أسمها قدامي بس أكيد سلمى عارفة
- تمام شكرًا يا سهام
ثم تحرك من مكانه واتجه إلى غرفة سلمى ليسمعها تبكي بصوتً مرتفع، دلف إلى الغرفة بسرعه ومعه سهام ليجدوا الأخرى في حالة يرثى لها من البكاء، اتجه إليها شادي بسرعه وحاول تهدئتها قليلاً وبعد محاولات كثيرة هدأت هي نوعاً ما، نظرت له بدموع وقالت:
- هي جت أنا شوفتها
نظر شادي إلى سهام و صمت للحظات ثم قال بتوتر:
- مريم؟
نظرت له بسرعه وظلت تطالعه للحظات حتى تساءل هو من نظراتها الشاردة تلك وكررت هي الاسم على لسانها وقالت:
- مريم
أيقن شادي أن من زارتها كانت هي لذلك لم يود أن يتحدث معها في هذا الموضوع وخصوصاً وهي بتلك الحالة، فتركها حتى تهدأ قليلاً وقد نامت على سريرها وخرج هو وسهام..
***
كانت داليا تجلس في غرفتها وكلما كانت تتذكر كلمات حازم الذي قالها أمام فارس ينتابها الحزن والتوتر، وفي لحظة تحولت كل ذرة حب بقلبها لحازم إلى كُره، استطاع بأفعاله تلك أن ينتزع حبه من قلبها، أمسكت هاتفها واتصلت بفارس، لم يرد عليها في البداية ولكنه في نهاية الأمر رد عليها بفتور، قال:
- خير يا داليا
- مكنتش عايز ترد عليا؟
- المفروض بعد اللي سمعته امبارح أعمل إيه ؟
- المفروض إنك تصدقني مش تصدقه هو
- ما يمكن بيتكلم صح، ما يمكن علاقتكم كانت متطورة أوي للدرجادي
- أنت مش بتثق فيا؟
صمت فارس للحظات ثم قال:
- مش عارف يا داليا صدقيني مش عارف، أنا كنت شايفك بطريقة معينه كنتِ حاجه نقية وحلوة أوي في عيني فجأة الصورة دي اتشوهت
أردفت داليا بحزن:
- أنا لسه زي ما أنا لكن أنت اللي بقيت عايز تشوفني بطريقة تانيه، أنا معاك أني غلطت بس متخطتش الحدود! عارفه أن علاقتي بحازم كانت غلط لكن عمري ما تخطيت حدودي في الإرتباط ده وعايزه أقولك إن حتى قبل ما أنت ما تظهر علاقتي بحازم كانت خلصت لأنه بان على حقيقته قدامي
ظل فارس صامت لا يعرف ماذا يقول ولكن جانب منه تعاطف مع كلماتها تلك ولكنه قبل أن يرد قالت داليا :
- أنت تخليت عني قبل ما تتمسك بيا حتى، تخليت عني قبل بداية الطريق
- المفروض مين اللي يكون مخذول من التاني؟
- أنا مش بنكر إني غلطانه بس أنا بقولك استاهل فرصة، أنا استاهل تديني فرصة تانية استاهل نبدأ من جديد صح استاهل أننا نبدأ صفحة جديدة
- بلاش نتكلم في أي حاجه لحد ما والدك يرجع من السفر، تمام؟
- تمام
- لو احتاجتي أي حاجه كلميني هتلاقيني عندك في ثواني، ولو البني آدم ده عمل أي تصرف يضايقك عرفيني برضو
ابتسمت داليا وقالت:
- حاضر متقلقش
ثم أنهى معها المكالمة وبدأ عقله في التفكير، لا يعرف هل يعطيها فرصة أخرى أم تظل مذنبه في عيونه، وهل إذا أعطاها فرصة أخرى سيقدر على النظر في عيونها دون تذكر كلمات هذا الكاذب، لحظة؟! إن عقله يعترف أنه كاذب إذا لماذا يرفض أن يعطيها فرصة أخرى ؟! وفي النهاية زفر بضيق وترك تلك المسألة الى الوقت ..
***
وصلت السيارة تحت بيت بدر وقبل أن يترجلوا من السيارة قال عاصي:
- أنا بستأذن منك ممكن أخد رحيل مشوار الأول بعدين هروحها؟
- هتروحوا فين؟
- المستشفى
نظرت له رحيل بدهشه فأكمل:
- على الأقل نطمن على حالتها
قال بدر :
- عندك حق، بس أنا عايز اجي معاكم
- أنت تعبت جدًّا اليومين دول أرتاح وأنا هكون معاها خطوة بخطوة وهبلغك بكل حاجه
قالت رحيل باعتراض:
- بس أنا مش ..
قال بدر وعاصي في نفس الوقت:
- مفيش بس!
تنهد بدر ثم قال:
- عاصي عنده حق المهم دلوقتي نطمن على حالتك وعموماً طول ما أنتِ معاه أنا مطمن أنا بثق في عاصي
فطالعه عاصي بابتسامة وترجل بدر من السيارة ثم تحرك بهم عاصي وذهب إلى أحد المستشفيات وأثناء الطريق قالت رحيل:
- غريبة
نظر لها وقال:
- هي إيه اللي غريبة؟
التفتت إليه وقالت بصياح:
- أنت مالك إذا كنت تعبانة ولا لا أنا حره أنا اللي أقرر حياتي تمشي إزاي أنا مكنتش عايزه أتكلم قدام بابا عشان ميضايقش مني بس...
وفي حركة عفوية منه وضع يده على فمها لتسكت قليلاً وصاح بها:
- ابلعي ريقك شوية في إيه!!
وبحركة سريعة وضعت يده تحت أسنانها وعضته بقوة فصرخ الآخر بألم وسحب يده ثم نظر لها بغضب، وقبل أن يتكلم امتص غضبه وصمت، وعندما وجدته رحيل بهذا الصمت قالت:
- أنت مش كنت بتتمنى من كام يوم أني اختفي من حياتك وأنك متشوفش وشي تاني
- تختفي من حياتي وأنا عارف إنك بخير وكويسة مش تختفي بطريقة تانية
ردت عليه رحيل:
- مش هقدر الومك لأني من يوم ما ظهرت في حياتك كل حاجه بتبوظ وكأن حظي مكفاهوش حياتي راح يبوظ حياة غيري
نظر عاصي أمامه بتردد ثم أمسك يدها فنظرت له هي بدهشه ثم قال:
- كل حاجه بتحصل في الدنيا لسبب وأنا مش بصدق أن في حاجه اسمها حظ لكن في حاجه أسمها قدر، في ناس معينه بيكون قدرنا مرتبط بيهم بطريقة غير مباشرة طريقة عقلنا مش بيقدر يستوعبها
- والناس دي ممكن تأذينا؟
- ممكن تأذينا وممكن لا أنتِ ونصيبك، في ناس ممكن يكونوا عوض وناس تانيه ممكن يكونوا درس جديد من الدنيا
- وأعرف ازاي؟
- إنك تحسي وتسيبي قلبك هو اللي يقرر
ابتسمت رحيل بسخرية وقالت:
- عاصي اللي بيقول الكلام ده مش معقول!
- مش ده كلامك ؟ كفاية عقلك كل السنين دي أدي فرصة لقلبك أنه يقرر، وأنا قررت أسمع كلامك ولأول مره واسيب قلبي هو اللي يقرر
نظرت له رحيل بابتسامة وخجل ثم غيرت الموضوع:
- ممكن نروح نشوف ليلى بعد مشوار المستشفى وحشتني جدًّا
- لازم أروح لعز خليها يوم تاني طيب
- مش مشكله روح أنت لعز ووصلني لليلى أقعد معاها شوية
أومأ عاصي برأسه ثم وصل الاثنان إلى المستشفى وتعرضت رحيل إلى أكثر من كشف وأجرت بعض التحاليل والاشاعات وكان للأدوية التي تتناولها فضل كبير في استقرار حالتها ولكن يجب أن تجري العملية في أسرع وقت وإلا سوف تسوء حالتها ولم تنفعها الأدوية بعد الآن..
وعند خروجهم من المستشفى قال عاصي:
- نتيجة التحاليل هتظهر بكرة كده كده هاجي أشوفك هبقى اجبلك النتيجة ارتاحي أنتِ وامشي على كلام الدكتور بس
.
ظلت رحيل تطالعه بدهشه نوعاً ما ولكنها ابتسمت في نهاية الأمر عندما دق قلبها الضعيف بطريقة غريبة وجانب منها أحب كلماته تلك، أومأت برأسها ثم تحرك الاثنان واوصلها عاصي إلى بيته وقبل أن تنزل قال لها:
- صحيح هاتي الخط بتاعي
أخرجت رحيل الشريحة الخاصة بعاصي من هاتفها وأخذها منها ثم تركها أمام المنزل وعندما تأكد أنها دلفت إليه اطمئن وقبل أن يتحرك سمع حارس العقار وهو يصيح بها:
- استني أنتِ رايحه فين؟!
نظرت له رحيل بفزع وقالت:
- عايزه أشوف ليلى
صاح بها الآخر:
- أيوة مين يعني؟!
وقبل أن ترد رحيل ترجل عاصي من السيارة وأخبره أنه يعرفها فقال منصور:
- معلش يا بيه معرفش أن حضرتك تعرفها، أنا آسف والله عشان سبت الحيوان ده يخش كده بس هو ضحك عليا والله أنا مش عارف أقول لحضرتك إيه
قال عاصي بتركيز:
- أنت شوفت الشخص ده؟؟ تقدر تفتكر ملامحه يعني؟
- أيوة طبعا
نظر عاصي إلى رحيل وقال:
- اطلعي أنتِ طيب
وبعد ذهابها طلب عاصي من حارس العقار أن يذهب معه إلى القسم حتى يقول مواصفات هذا الشخص حتى يتعرفوا عليه..
صعدت رحيل إلى البيت وفتحت لها حنان عندما دقت على الباب وبعد نوبه كبيرة من الترحاب والقلق والتوتر جلست رحيل على إحدى المقاعد وفي أحضانها ليلى التي ظلت متعلقة بها وكانت تبكي بين الحين والآخر، قالت حنان بقلق:
- أنا عايزاكي تحكيلي كل حاجه عاصي مش راضي يفهمني وأنا قاعده هنا على أعصابي
صمتت رحيل للحظات ثم قصت عليها كل ما حدث معهم حتى الآن منذ موضوع الصور إلى اختطافها وحتى هروبهم في إحدى المناطق المخفية وكانت حنان تسمعها بعيون متسعه، قالت:
- إزاي عاصي يخبي عني حاجه زي دي؟!!
- صحيح مين اللي دخل هنا؟ ليلى شافته صح
اومأت حنان برأسها ثم ابعدت رحيل ليلى عن أحضانها قليلاً وقالت:
- أنتِ زعلانه ليه يا عمري
قالت ليلى بدموع:
- عشان عمو ده أخد صورة ماما مني
نظرت لها رحيل بدهشه ثم نظرت إلى حنان بعدم فهم وقالت:
- صورة إيه ؟
ثم تذكرت الصورة التي رأتها على هاتفها عندما أخبرت عز ولكنها لم تركز في معالم الصورة وشخصياتها، لذلك فتحت هاتفها مرة أخرى واتجهت إلى الرسائل فظهرت الصورة مرة أخرى، وضعت الهاتف أمام ليلى وقالت:
- هي دي مش كده؟
ضحكت ليلى بفرحه وقالت بصوتٍ عالٍ:
- أيوة هي دي
نظرت رحيل إلى حنان وقالت:
- أنا ممكن أطبع الصورة تاني من الموبايل، ممكن آخد ليلى ونروح تقريباً في استوديو قريب من هنا صح
نهضت ليلى من مكانها ثم عانقت رحيل بقوة وهي تبكي بفرحه، وظلت تصيح:
- أنا بحبك اوي أنا بحبك أد الدنيا
كانت تلك الصورة مهمه للغاية بالنسبة لليلى فهذا الشيء الوحيد التي تملكه من والدتها، وعندما رأت حنان فرحتها تلك ابتسمت وأومأت برأسها ثم نهضت ليلى من مكانها وجهزت نفسها وخرجت من البيت هي ورحيل ..
***
الكاتبة ميار خالد
في المديرية..
تم أخذ إفادة حارس العقار وتم رسم صورة بملامح الشخص الذي وصفه لهم ولكنه كان مألوف نوعاً ما بالنسبة لعاصي ولكنه لم يقدر على تحديد هويته، قال له عز:
- هنفتش كاميرات المراقبة اللي حوالين البيت وأكيد هنوصل لحاجه متقلقش
قال عاصي:
- أنا عايزك في موضوع مهم
انتبه له عز وقال:
- أتكلم سامعك؟
- هقولك خبر دلوقتي، عايزُه يكون تريند، بكره الصبح يكون ظاهر للناس كلها
- خبر إيه؟
صمت عاصي للحظات ثم أخبره ما يفكر فيه فنظر له عز بصدمه وقال:
- أنت اتجننت!!
- أعمل اللي بقولك عليه بس
- أنت متخيل عواقب الخبر ده ممكن تكون إيه؟ فكر تاني
- فكرت وعارف بقولك إيه
أردف عن رغماً عنه:
- اللي تشوفه
- إبنك عامل إيه أنا آسف مسألتش كل ده
- لا الحمدلله هو بس بسبب التقلبات اللي بتحصل في الجو تعب شوية
- ربنا يحفظه لك، صحيح أنت صاحبك علي دكتور صح؟ ممكن تعرفلي منه رقم جراح قلبية كويس جدًّا يكون ثقة
- حاضر بس ليه؟
- محتاجه بلاش تنسى
- تمام ..
ثم خرج من المكان وذهب ليشتري له هاتف جديد ثم طلب إحدى السيارات حتى يعود إلى بيته بعدما ترك السيارة التي قد ارسلها له عز أمام المديرية
***
- مبسوطة يا ستي ؟
قالتها رحيل بابتسامة بعد أن طبعت الصورة إلى ليلى وكانت الأخرى تمسكها بيدها بتشبث وفرحه، قالت ليلى:
- أيوة مبسوطة أوي، بس هبقى مبسوطة أكتر لما نلاقي البنت اللي في الصورة هي اللي هتقولي فين ماما
قالت رحيل بتساؤل:
- بنت مين؟
أشارت ليلى على إحدى الفتاتين في الصورة وقالت:
- البنت دي أنتِ مش فاكره دي شوفناها في الحمام في المطعم
أمسكت رحيل الصورة ودققت بها ثم قالت بصدمة:
- دي هي فعلا؟!!
قالت ليلى:
- أكيد دي تعرف مامتي فين مش كده عشان لو هي ماما كانت عرفتني علطول
قالت رحيل بصدمة وهي تسير:
- يعني دي سلمى!! بس إزاي عاصي قالي أنها في المصحة
وفجأة توقفت رحيل عن المشي عندما توقفت ليلى فجأة، نظرت لها رحيل بتساؤل وقالت:
- وقفتي ليه أمشي يلا
كانت ليلى تنظر لنقطة أمامها بصدمة كبيرة وقد تسمرت مكانها لم تتحرك أبداً، نظرت رحيل إلى النقطة التي تنظر لها ليلى لتجد الفتاة الأخرى في الصورة تتحرك أمامها في بداية الشارع حتى دخلت إلى إحدى البيوت المجاورة لهم!! قالت ليلى بصدمة:
- ماما ..
نظرت رحيل إليها بصدمة وأدركت أن التي تحركت أمامهم منذ لحظات هي بنفسها الفتاة الموجودة في الصورة أي والدة ليلى!! لذلك أمسكت يد ليلى بقوة واتجهت إلى هذا البيت !
تمتلك مدونه دار الروايه المصريه مجموعة
من أكبر الروايات المتنوعة الحصرية والمميزة
اكتب ف بحث جوجل دار الروايه المصريه
واستمتع بقراء جميع الروايات الحصرية والمميزة
اكتب تعليق برايك هنا